الزوايا بعوينة ايتوسى

[center] [/center]



ظهرت الزوايا بالإسلام بعد ظهور الرباط وتعرف عند محمد حجي بأنها المكان المعد للعبادة وإيواء الحتاجين وإطعامهم وكانت هذه المؤسسات تعرف بالمغرب بدار الكرامة خلال العهد الموحدي وتعرف بدار الضيوف إبان العصر المريني أما في القرنين 15 و16 اقتصرت الزوايا على الأمور الدينية فقط إلا أنه مع تزايد الضغوط الإستعمارية على السواحل المغربية وتزامن ذلك مع ضعف سلطة المخزن المغربي خلال القرنين 16 و17 والمتمثل في الدولة الوطاسية إلتف السكان حول الزوايا للدفاع عن البلاد وكان للشيخ الجزولي دوره الكبير في إنتشار أفكار الطريقة الجزولية بالجنوب حيث رفع أنصاره مشعل الجهاد ضد النصارى وساهموا في وصول السعديين إلى الحكم بزعامة محمد القائم سنة 916 هـ 1511م بقرية تدسي.
وبالرجوع إلى موضوع دراستنا فقد عرفت منطقة عوينة ايتوسى هي الاخرى وجود بعض الزوايا حيث لم تستثن من هذا الإنتشار الواسع للطرق الصوفية المرتبطة أساسا بالزوايا بمختلف مشارفها والتي تميل في أغلب الاحيان إلى اتباع الطريقة التجانية الدرقاوية في تلقينها لعلومها الدينية وقيامها بأدوارها سواء منها الثقافية والإجتماعية والسياسية وكذا الدينية لتلعب بذلك دورا محوريا في تثقيف وتلقين علوم الدين وأصوله الفقهية ولتساهم في نشر أفكار التصوف الذي غلب على التاريخ الإجتماعي لبلاد المغرب الاقصى مند بداية القرن 14م.
في هذا الإطار نجد تأسيس وتشييد مجموعة من الزوايا بالمنطقة التي حاولت مسايرة هذا المد الصوفي والتي لم تكن في غالب الأحيان قد سميت بنفس أسماء الطرق المتتبعة لها بل نجدها تحاكي أسماء مجموعة من الشخصيات الوازنة في المنطقة والتي كان لها دور فعال في تشييدها فنجد: زاوية داد علي وسيدي سعيد إضافة إلى زاوية احماد أوباني الجرموني ثم زاوية سيدي محمد الموساوي الدرقاوية ونظرا لقلة المادة المصدرية التي تتناول هذه الزوايا واقتصارها على مجموعة من الوثائق المحلية والتي بالرغم من وجودها إلا أن أصحابها يتكتمون عليها لأسباب شخصية والرواية الشفوية التي تعتبر المصدر الأساسي الذي يتناول تاريخ هذه الزوايا فتستكفي بتناول نموذج من هذه الزوايا:
زاوية سيدي محمد الموساوي الدرقاوية:
عرفت المنطقة زاوية سيدي محمد الموساوي، والتي صبغت المنطقة بكثير من الخصائص مظاهرها في شتى الانماط التي يعيش عليها السكان منذ نشأة الزاوية حتى يومنا الحالي، ولذلك فهم يحسون دوما بأنهم يعيشون بمنطقة مقدسة تنعم باستمرار ببركة الأولياء الصالحين المنسوبين إلى النبي (ص).


تقع زاوية سيدي محمد الموساوي بمنطقة منخفضة يقال لها عيون اغمان تبعد عن عوينة ايتوسى بحوالي 20 كلم وتقع الزاوية بالضبط بين منطقة اخنيك لعظام في الجهة الغربية، ومنطقة القشلة في الجهة الشرقية، وهذه المناطق تسمى عيون إغمان التي يحدها من الشمال أبركان ومن الجنوب وادان. أما من الناحية الشرقية فيحدها واد اوست، أما من الناحية الغربية فتحدها جبال أزكاغ المعروفة بقصر قامتها بالإضافة إلى هذا توجد بالمنطقة عدة آبار، الشيء الذي يجعل هذه الارض خضراء على الدوام، إذا أن مستوى بعد الماء عن السطح لا يتعدى متر ومتر ونصف.
مؤسس الزاوية:
يقول أحد المستجوبين: " ينحدر سيدي محمد الموساوي من سلالة سيدي أحمد الركيبي جاء إلى المنطقة من مدينة الدار البيضاء سنة 1942 كان يمتهن الطب، كان متزوجا من ابنة عمه التي مات كل أبنائها الأحد عشر، بمجرد ولادتهم، ولم يبقى سوى ابنة واحدة توجد الآن بمنطقة الدار البيضاء.
انشغل سيدي محمد الموساوي بعد ترك الطب بالامور الدينية وتتبع الطريقة الدرقاوية البشيشية الجنيدية، وانشغل في تعليم القرآن والسنة، حيث كان ضليعا بعلم القرآن والسنة أدى توالي وفاة أبنائه بشيوخه إلى أن أوصوه بالذهاب على ضريح مولاي ابراهيم بمراكش على أن يرزقه الله ببركة هذا الولي أولادا عوض الأولاد الذين حرم منهم.
بمجرد وصولهم إلى ضريح مولاي إبراهيم برفقة زوجته ذبح كبشا، وبعد المساء، وخلال نومه رأى سيدي محمد الموساوي في منامه مولاي ابراهيم واقفا أمامه يقول له: " الذي جده يكفيه (الي عندو جدو يكدو) فقال له سيدي محمد الموساوي: " بالرغم من أنفك" (بلا جميلك).
يضيف عمر بن سيدي محمد الموساوي: " أن سيدي الموساوي عزم على الرحيل في الصباح الباكر في اليوم الثاني من زيارته إلى الضريح مولاي إبراهيم، إلى جده سيدي أحمد الركيبي، إلا أن زوجته رفضت أن تذهب معه، وطلبت منه الطلاق، فطلقها، وشد الرحال إلى جده أحمد الركيبي. ذهب سيرا على الأقدام إلى ان وصل إلى وادي درعة في الجنوب، وبالضبط في منطقة يقال لها عيون إغمان، رغم انه كان لا يعرف الطريق، وأغلب ما تقوله الروايات أن هناك سراجا منيرا كان يريه الطريق، وصل إلى هذه المنطقة سنة 1942، وهناك التقى بشيوخ قبائل آيتوسى حيث منحوه قطعة أرضية طولها 12 كلم، بعدما تعهد لهم بتعليم أبنائهم القرآن والسنة. وما شهدوا عنه من حسن النية. قام سيدي محمد الموساوي بإنشاء زاوية على اسمه عرفت بزاوية سيدي محمد الموساوي بعدما تعهد شيوخ القبائل المجاورة بتقديم الهدايا للزاوية وكانت هذه الهدايا عبارة عن الإبل والغنم والدقيق والسكر والشاي.
تزوج سيدي محمد الموساوي من اسويلمة بنت لحوار من قبيلة أولاد تيدرارين انجبت له ست أبناء منهم 3 بنات. توفي سيدي محمد الموساوي سنة 1968.
موسم الزاوية:
هو موسم يقام بمنطقة عيون إغمان، ويقام منذ سنة 1943 لم يقتصر فقط على أبناء المنطقة بل تعداهم إلى أولاد سيدي أحمد أوموسى الذين يحضرون بدورهم الموسم، يجتمع الحضور من أجل ذكر الله على الطريقة الدرقاوية، يقرؤون القرآن ويكثرون من الهيللة (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، والتكبير (الله أكبر) والإستغفار (أستغفر الله).
يتم جمع الاموال عند الناس كل حسب مقدرته، تشترى النحائر وتنحر في الموسم الذي يضم عدة قبائل (قبيلة أيتوسى، قبيلة آيت لحسن...).
بعد وفاة سيدي محمد الموساوي رحمه الله، قام أبناؤه بتسيير الموسم، وقد اشتهرت الزاوية بشفائها للأمراض العقلية والألتباس بالجن، وذلك عن طريق تلاوة القرآن الكريم على المرضى.
على أن أهم ما يميز هذه الزاوية عن باقي الزوايا الاخرى، هو أن الزوار عندما يأتون يجب عليهم أن يستديروا على كل ما للزاوية من بنايات ونباتات مرددين عبارة ( لا إله إلا الله محمد رسول الله بها نموت وبها نحيى وبها نلقى الله) سبع مرات متبعين بذلك السراج المميز الذي خطط للولي الصالح سيدي محمد المساوي الطريق. وقد قام الولي الصالح سيدي محمد المساوي في حياته بحفر عين بالمنطقة، انبعتت من هذه العين سبع عيون أخرى وقد بنى على هذه العين بإر يستسقى الناس منه إسمه ( بئر إرتوازي) .
وحاليا يقام بالمنطقة هذا الموسم كل سنة، وبالضبط في يوم 29 غشت، حيث يأتي الفقهاء الدرقاوييون إلى هذه المنطقة من كل أنحاء المنطقة.


[center] [/center]